ثقافة المجتمع لقد أغوتنا منذ زمن بعيد بفكرة جذابة تقول بأن أجزاءً واسعة من عقولنا غير مستغلّة — في انتظار فتح سِحري. ربما سمعت، في التلفاز أو في الأفلام، أن البشر لا يستخدمون سوى «عشرة بالمئة» من أدمغتهم، وأن الـ90% المتبقية تبقى خاملة، كمورد غير مُكتشف يفيض بالإمكانات. ولكن ما مدى صحة هذه النظرية الشعبية؟ وماذا يقول العلم الحديث عن الحدود الحقيقية — والإمكانات — لعقولنا؟
دعونا نغوص أعمق في أصولها، والأدلة العلمية، والجاذبية المستمرة لـ«أسطورة العشرة بالمئة»، ونكتشف ماذا يعني حقاً تعظيم إمكاناتنا العصبية.
من أين originateت فكرة أننا نستخدم فقط عشرة بالمئة من أدمغتنا؟ من المثير للاهتمام أن هذه الفكرة ترسّخت في الرأي العام عبر مزيج من العلم المُساء تفسيره، والسرد المؤثر، وبحوث الدماغ المبكرة.
ويليام جيمس، عالم نفس من جامعة هارفارد غالباً ما يُشاد به كأب علم النفس الأميركي، قال في عام 1907 بأننا «نستخدم جزءاً صغيراً فقط من مواردنا العقلية والبدنية المحتملة». وعلى الرغم من أن جيمس كان يهدف إلى إثارة الفضول وتحفيز تحسين الذات، فقد تشكلت أسطورة.
بحلول ثلاثينيات القرن الماضي، حين كان المعلن الأميركي لويل توماس يروّج لكتاب ديل كارنجي المؤثر كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الناس، أعاد صياغة جيمس قائلاً بأن «الشخص العادي يطور فقط عشرة بالمئة من قدرته العقلية الكامنة». التصريح ظلّ عالقاً، مُغذياً أسطورة حضرية امتدت عبر قرن.
انتشرت العبارات الجذابة وتكاثرت في الكتب والمجلات والأفلام. أفلام مثل لوسي (2014) بنت حبكتها على فرضية أن البشر يكتسبون قوى خارقة عند فتح المزيد من قدراتهم الدماغية. هذه القصص تشعل أملاً داخلياً—من لا يريد قدرات ذهنية غير محدودة لا تتطلب سوى جهد بسيط؟
لكن الواقع، كما نكتشف غالباً، أدق وأعقد من الخيال.
ماذا تُظهر التحليلات العلمية عن استخدام الدماغ الفعلي؟
علم الأعصاب الحديث دحض بلا لبس أسطورة العشرة بالمئة. تقنيات مثل التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI) والتصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني (PET) تتيح للعلماء رصد نشاط الدماغ في الوقت الحقيقي.
حتى أن أكثر الأفعال نمطية—كالقراءة، والضحك، وتحريك أصابع القدم—تتضمن مناطق دماغية متباينة وممتدة. على سبيل المثال:
مراجعة شاملة منشورة في Frontiers in Human Neuroscience (2014) تستنتج بأن «بعيداً عن كون الدماغ خاملاً، فإن النشاط الخلوي والاستقلابي يحدث في جميع أجزائه، حتى أثناء النوم».
إذا كان 90% من الدماغ فائضاً، لكان إصابة الدماغ نادرة في causing عجزات كبيرة. لكن حتى الجلطات الدماغية الصغيرة أو الإصابات الدماغية الموضعية تقود غالباً إلى فقدان وظيفي دراماتي—مُظهرة إلى أي مدى كل منطقة مَهيَّأة لغرضها. فمثلاً، تلحق آفات في الحُصين تدهوراً كبيراً في تكوين الذاكرة، بينما تضعف إصابة الفص القذالي الرؤية، بغض النظر عن مدى ضآلة المساحة المصابة.
ببساطة، الدماغ ليس مُصمماً بوجود فائض كبير.
فلماذا بقيت فكرة العشرة في المئة ثابتة إلى هذا الحد؟ تُشير الدراسات إلى أنها مُرضية من الناحية النفسية، وتقدم أملاً في تحسين الذات. من السهل التبّني فكرة أنه إذا استطعنا فقط «فتح» الـ90% الأخرى، سنحقق موهبة بمستوى العبقرية أو إبداعاً فائقاً.
قد تنشأ هذه الأرقام من مفاهيم خاطئة حول بنية الدماغ:
تصوير الدماغ الوظيفي والتشريحي لا يظهر وجود «مراكز صامتة». تُظهر فحوص PET أن الشبكة الافتراضية (DMN) تبقى نشطة بالذاكرة والتأمل وأحلام اليقظة حتى أثناء الراحة. إجراءات التخطيط الإكلينيكي قبل الجراحات، التي روّج لها وايلدر بنفيلد في الثلاثينيات والخمسينيات، لم تكشف عن فصوص خاملة. عندما تُزيل أو تتلف أي منطقة، يضعف أداء مهمة محددة.
أسطورة العشرة في المئة جذابة جزئياً لأنها تضرب على وتر جوعنا الجمعي للتحسن الذاتي والإمكانات غير المستكشفة. من لا يريد أن يصدق أن لديه ينبوعاً من القدرات غير المستعملة ينتظر اللحظة المناسبة؟
صنعت صناعة التنمية الذاتية هذا الجذب، واعدةً بحيل «سرية» للوصول إلى التفكير المتعامد، والعبقرية، والذاكرة التصويرية، أو حتى قوى نفسية. كثير من الكتب والمتحدثين التحفيزيين يستدعون الأسطورة كدليل على عظمة كامنة. لكن هذا السرد، رغم جاذبيته، يشتت الانتباه عن علم الدماغ وعن الواقع في تحسين الإدراك.
بينما لا نملك مخزناً غير مستخدم من القدرات وهو في سبات، فإن أدمغتنا مدهشة في تعقيدها ومرونتها. على سبيل المثال:
بدلاً من التركيز على فتح أراضٍ غير مستخدمة، يجب أن يكون الهدف تنمية النمو والمرونة والقدرة على التكيف.
إذا تم فضح الأسطورة، فما الطريق الحقيقي نحو ذكاء أو مهارة أعلى؟
أبحاث أندرس إريكسون وآخرين عن الخبرة توضّح أن الممارسة الهدفية والمخطَّطة تفوق التكرار البسيط. المهارات—from الشطرنج إلى الكمان—تنتج من مشاركة مطوَّلة ومقصودة، لا من فصوص مخفية فجأة تستيقظ.
التحدّي المنتظم للعقل—من خلال القراءة، الألغاز، تجارب جديدة، أو الحوار—يساعد على تعزيز التفكير، وتحسين الذاكرة، وحتى تأخير التراجع المرتبط بالعمر.
دراسة نشرت عام 2022 في Lancet Public Health تربط الانخراط الفكري المستمر والنشاط البدني بانخفاض مخاطر الخرف. النشاط الذهني لا «يشغل» مناطق دماغ خاملة فحسب، بل يقوّي الاتصالات، ويبني المرونة، ويعزز القدرة على التكيّف.
عوامل مثل جودة النوم، وممارسة الرياضة، والحمية، ومستوى التوتر تؤثر بشدة في وظيفة الدماغ. تتجاهل أسطورة العشرة بالمئة كيف أن أداء الدماغ مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالصحة الجهازية. فمثلاً، التمارين الهوائية تزيد إفراز عوامل النمو المفيدة للذاكرة واللدونة العصبية.
لا توجد تقنية علمية موثوقة لـ«فتح» مناطق الدماغ المفقودة. النجاح يستمد من استغلال التعقيد الذي نملكه بالفعل، لا من إيقاظ أجزاء مخفية. تطبيقات تدريب الدماغ التجارية قد تُحسن الأداء في مهام متكررة لكنها تفتقر إلى أدلة تعزز الذكاء على نطاق واسع.
استناداً إلى ما نعرفه عن فسيولوجيا الدماغ الحقيقية، فيما يلي طرق عملية يمكن لأي شخص اتباعها لتعظيم قدراته المعرفية:
مارس هذه النصائح ستلاحظ الفرق—not by فتح قدرات مخفية بشكل سحري، بل من خلال استغلال قدراتك العصبية العاملة بالكامل.
أسطورة العشرة بالمئة أثّرت في الخيال الشعبي لعقود، واعدةً بذكاء يفوق البشر خارج نطاق التناول. إلا أن العلم يكشف عن شيء أكثر دهشة: كل منطقة من دماغنا حية بغاية، وكل لحظة من الحياة تستدعي مشاركة كاملة ونشطة للعصبونات.
فبدلاً من البحث عن مفتاح سحري، اعتنق الأجهزة الرائعة التي تدور بالفعل داخل جمجمتك—ليلًا ونهارًا بلا توقف. المعجزة الحقيقية؟ أنك تستخدم بالفعل ما يكفي من قوة الدماغ لتتخيل وتطمح وتتعلم وتتعافى وتثابر. ومع الاستثمار اليومي الصحي، ستستمر في فتح الإمكانات، دائرة تلو أخرى.